الأهداف المنطقية للفنون

الافلام الوثائقية: القوة لتغيير العالم

في عالم اليوم الذي يكثر فيه التضليل والأخبار الكاذبة، يعد تثقيف أنفسنا حول القضايا المهمة أمراً ضرورياً. كما إن إيجاد مصادر معلومات متنوعة وموثوقة أمرًا بالغ الأهمية كما كان دائمًا. لذلك تتطلب الأحداث الأخيرة في جميع أنحاء العالم إلى جانب كيفية حصولنا على أخبار هذه الأحداث ومشاركتها وتكرارها، أن نتقدم ونبحث عن مصادر معلومات عالية الجودة حول عالمنا وما يحدث فيه. وهنا يأتي دور الافلام الوثائقية في تثقيف وزيادة الوعي الشعبي حول مختلف القضايا.

لماذا الأفلام الوثائقية

تعتبر الافلام الوثائقية مصدرًا متعمقًا وغنيًا بالمعلومات. كما أنها منصة مثالية للتأثير الايجابي على العديد من القضايا العالقة في العالم. إنها بمثابة أدوات قوية تعرض مواضيع مهمة على المشاهد بطريقة آسرة. كذلك تثير المحادثات بين السياسيين على أعلى مستوى. كما تثير الحركات الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني في كل دولة.

تركز الافلام الوثائقية الطويلة التي تحركها الشخصيات على قصص أناس حقيقيين وتضع لهم وجهاً إنسانياً في القضايا العالمية التي قد تبدو بعيدة أو لا يمكن الارتباط بها. إن سماع هذه التجارب الحقيقية ورؤيتها من خلال العمل المتفاني لصانعي الأفلام الوثائقية يساعدنا على وضع أنفسنا في مكان الآخرين. كما يؤدي إلى بناء جسور التعاطف في عالم يحتاج بشدة إلى مشاركتنا وتعاطفنا في مناطق النزاع المختلفة في العالم.

لا توفر الأفلام الوثائقية فقط فرصة لفهم العالم والتواصل معه، بل إنها أيضًا طريقة رائعة للتجمع مع الأصدقاء لمشاهدة القضايا المهمة في عصرنا والتفاعل معها. لذلك يعد من المهم مشاهدة المزيد من الافلام الوثائقية. لكن التحدث عنها معًا على جميع المستويات لا يقل أهمية. مع وجود قنوات التواصل الاجتماعي في متناول أيدينا على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، فان الأمر أصبح أكثر سهولة.

كيف تساهم الأفلام الوثائقية في التغيير؟

من هو دياني كريستال؟”، هو عنوان فيلم للممثل والناشط جايل جارسيا برنال والمخرج مارك سيلفر. اللذان يحكيان فيه رحلة مهاجر هندوراسي مجهول وجد ميتًا في صحراء أريزونا بالولايات المتحدة. يكشف الفيلم عن النضالات التي يواجهها كل هؤلاء المهاجرين. وبذلك يطرح سؤالًا مهمًا: لماذا يشعر الكثير في أمريكا الوسطى والجنوبية أنه ليس لديهم خيار آخر سوى الفرار من منازلهم ومواجهة خطر كبير؟. غالبًا ما يكون مميتًا في سبيل المحاولة للمرور برًا إلى الولايات المتحدة من خلال المكسيك.

الأفلام الوثائقية ودورها في زيادة الوعي

كيف يمكن لسياسة الحدود الأمريكية أن تكون أكثر تعاطفاً وتعترف بإنسانية المهاجرين بدلاً من تجريمهم؟. هناك حاجة إلى آليات ملموسة من أجل معالجة هذه الأسئلة بشكل مناسب. فيلم من هو دياني كريستال؟، لعب دورًا مركزيًا في العمل مع المجتمع المدني على جانبي الحدود. كما ساعد في إنشاء التغيير الاجتماعي عبر تقديم مساعدات غذائية وعلاجية. للمهاجرين.

تأثيرات إيجابية للافلام الوثائقية

نشأت المنظمة غير الربحية “أجساد على الحدود”، التي تتمثل مهمتها في تحديد المهاجرين المفقودين وإعادتهم إلى أوطانهم، بشكل مباشر بعد عرض الفيلم. كما تفعلت المبادرات التي تركز على المجتمع المدني لتحسين الظروف في قرية هندوراس التي ظهرت في الفيلم. أدت هذه المبادرات أيضًا إلى شراكات بين أعضاء المجتمع والمنظمات غير الحكومية الدولية لتحديد وتوفير احتياجات المجتمع الأكثر إلحاحًا (مثل المياه والتعليم). حتى لا يضطر الناس إلى الفرار من منازلهم. تم تحسين الحياة من خلال البنية التحتية للتغيير الاجتماعي التي تم تطويرها ودعمها من خلال الفيلم.

يُعد فيلم Ilegal (خارج عن القانون)، وهو فيلم برازيلي قصير من تأليف تارسو أراوخو ورفاييل اريكسن. مثالاً مذهلاً على الكيفية التي يمكن بها للافلام الوثائقية المساعدة في تغيير السياسة العامة لأي دولة. يصور الفيلم فتاة تبلغ من العمر خمس سنوات (آني) تعاني من شكل حاد من الصرع لا يمكن تخفيفه إلا عن طريق الكانابيديول. وهو أحد مشتقات الماريجوانا. وهو ما يُعتبر أمرًا غير قانوني في البرازيل.

يوثق فيلم Ilegal والدي الفتاة والآباء الآخرين، وهم يحاربون البيروقراطية التي تمنعهم من استيراد العلاج الوحيد الذي يمكن أن يساعد أقربائهم. لذلك أصبح الفيلم أداة قوية في أيدي النشطاء وجماعات المصلحة العامة. مثل البرازيلي “ريدي بنسي ليفري”. الذي يناضل من أجل تغطية صحية أكثر إنسانية.

تم إنتاج الفيلم الوثائقي بقصد تغيير السياسة، لذلك سعى صانعو الفيلم بنشاط إلى البحث عن الشركاء الأكثر إستراتيجية لخلق نوع من الضغط العام الذي يجعل من القانوني استيراد الكانابيديول للأسر التي هي بحاجة إليه وقد نجحوا في ذلك. قامت “أنفيسا”، الوكالة الوطنية التي تتحكم في استيراد الأدوية في البرازيل، بإزالة الكانابيديول من القائمة السوداء في أوائل عام 2015. هذا التحول في سياسة البرازيل يعني أن آني، وآلاف الأشخاص الآخرين الذين يعانون من الصرع، قادرون على الحصول على أدويتهم بشكل قانوني. لم يكن هذا التغيير الايجابي ليحدث بدون هذا الفيلم الوثائقي الذي أنقذ حياة الآلاف من مرضى الصرع في البرازيل وخفف معاناتهم.

Exit mobile version